الأربعاء، 22 مايو 2013

موزارت في عمان

              كان عليّ أن أكتب عن هذا الحدث قبل ما يقارب الأسبوعين، لكن الكتابة بالنّهاية رغبة، وإن لم تتوفّر، فلا أستطيع أن أكتب كلمةً واحدة. في 11 أيّار، أي قبيل اثني عشر يومًا، أقامت السّفارة الهولنديّة في المدرّج الرّومانيّ، في وسط البلد، احتفالًا موسيقيًا، لأوركيسترا صغيرة تعزف مقطوعات لموزارت. عندما وصلني الإعلان عن الحفل، لم أقاوم فتنة الفكرة "موزارت في عمّان". فقرّرت إلغاء كافّة ارتباطاتي ذلك اليوم (وأغلبها كانت ارتباطات دراسيّة) كي أشهد ذلك الحدث الّذي لا يتكرّر في العمر إلا قليلًا.

              ساعةٌ ونصف، كانت كافيةً كي تزدان فيها عمّان بأبهى حللها، كزهرةٍ عنيدةٍ شقّت طريقها وسط الشّوك. ساعةٌ ونصف، كانت كافيةً كي تنقلب فيها الوجوه المتجهّمة، المنهكة من وقع "الظّلام العربيّ" المخيّم على الأجواء، إلى أخرى زاهية، مزدانة بابتسامة ما فارقت شفاه أحدٍ من الحضور. وكانت كافيةً أيضًا، كي تزيح عنّي همّ الدّراسة، الّذي بات كبيرًا فجأة، ولم أشعر به.

              لطالما قلت أنّ الموسيقى هبةٌ من الله للبشر، وأنّها من أهمّ عوامل السّلام على الأرض، وأداةُ جمعٍ نسيها السّياسيّون، أو تناسوها لأسبابٍ ستبدو غير مقنعة على الإطلاق، فيما لو أعلنت. لا أريد أن أنحرف لأكتب عن جمال الموسيقى، وما تفعل بي عندما أسمعها، لأنّي لو فعلت، لن أتوقّف إلا بعد لأيٍ طويل.

              الاحتفال ضمّ ثلاثةَ أجزاءٍ، أولاها ابتدأت بثلاثِ سيمفونياتٍ (أجهل أسماءها، ولا أظن أن الاسم مهمّ هنا). في الجزء الثّاني كان هناك مغنيّة أوبرا صغيرة وساحرة، أضفت على الجوّ حضورًا أخّاذًا. أظنّ أنّني مدينٌ لها باعتذارٍ صغير، لأنّني ما انفككت أقارنها بعملاق الأوبرا (بافاروتّي) ولا أعلم لماذا. رغم جمال صوتها، الأشبه بترنيمة عصفورٍ طَرِبٍ، وحضورها القويّ، كشجرةٍ وارفة الظلال. إلا أنّني كنت أبحث عن صوتٍ مزلزل، يهز أغشية أذني، غشاءً غشاءً، لكن ذلك لم يحدث، وليس لعيبٍ فيها، بل لرغبة جامحةٍ منّي، تكاد لا تشمل إلا عددًا قليلًا ممن يملكون تلك الموهبة بالعالم أجمع. الجزء الثالث، عاد بلا مغنّية، مع مقطوعاتٍ أخرى، أغلبها كان أيضًا لموزارت، إلّا واحدةً كانت لمؤلّف إنجليزي لم يفصح المايسترو عن اسمه.

              انتهى العرض يومها، وعدت إلى البيت وحيدًا، كما كنت أيضًا في الاحتفال، ألملم بقايا ذكرياتٍ جميلة، لا بدّ أنّني سأسردها يومًا على أحفادي، الّذين أتخيّلهم كثرًا. كان عرضًا مبهجًا حقيقةً، يبعث على التفاؤل، ولو قليلًا. ويعيد لعمان، روحها، الّتي باتت مبعثرةً، هائمة في طريقٍ لا تلوح له نهاية. انتهى العرض، وخلّف جملةً في الحلق، شقّت طريقها إلى السّطور الآن: "ما زالت عمان حاضرةً".

  • هذه بعض الصور، التقطتها قبل وأثناء العرض:

الساحة خالية، قبل دخول أعضاء الأوركيسترا






أثناء العرض، وعزف أحد المقطوعات







مغنية الأوبرا الشابّة







جانب من الحضور


الأحد، 19 مايو 2013

رسائل من الزّمن الجميل (3)

رسالة (1): منذ زمن لم نتواصل عن طريق الرسائل، في لحظة بؤسٍ عابرة، كنت قد قررت ألا أعود لهذه الرسائل الجميلة، لكنّني  بلحظة سرورٍ أخرى، قررت ألا أقوم بما عزمت عليه. الفكرة تكمن في الاختلاف، فها هنا أستطيع أن أخاطبكِ كما لو كنّا نرى ونسمع بعضنا الآخر، لا كالقصص القصيرة أو النصوص، فهناك، أخاطب شبحًا لا يقربك، شكله غير شكلك، اسمه غير اسمك، لا شيء فيه يشبهك. دعينا ننسى كل هذا، ولنغمض أعيننا قليلًا، لنسمع صدى الصمت يهز كيان البؤس الذي يتعاظم من حولنا.


"وقلت بكتبلك ..
هيك كانوا يعملو العشاق .. "



 رسالة (2): "رسالتي إليكِ ليست عادية، وأعرف أنها لن تصلكِ في أيّ يومٍ من الأيام، ولكنّي كتبتها. سميتها 366، كناية عن سنة لاهثة، مؤلمة، مريضة، قضيتها في حبّك. ذلك الحبّ الّذي كان بلا أملٍ من بدايته، واستمرّ بلا أمل، ولم ينتهِ."

هذا ما كتبه "المرحوم" في رسائله إلى أسماء. و"المرحوم" هو بطل رواية "أمير تاج السر" الأخيرة (366). لا أعلم لماذا أشعر بأنني -بما أقوم به حاليًّا- أشبه "المرحوم" بشكلٍ أو بآخر، وكأنّ شخصيّات الأفلام والروايات، الهائمة، و"الداخلة بالحيط" ملتصقةٌ بي أو أنا الذي ألتصق بها.لا، أنا أختلف عنه، فالأمل، هو الحدّ الفاصل الذي يجعلني على طرف، وهو على طرف النقيض. فأنا ما زلت مؤمنًا بما صوّرته لنا الرّسوم المتحرّكة أيام الطفولة، بأنّ الأمل، شعاعٌ ينبثق من لبّ المغارة، بعد أن يكون أحدهم قد يأس من احتماليّة وجوده. لا بدّ أنّ الأمل موجودٌ في مكانٍ ما، وأنّني لا أكتب هذه الرسائل عبثًا.

أتخيّل نفسي بعد زمن طويل، جالسًا على "كرسيٍ" هزّاز، وليس ثمّة شعرة سوداء في جسدي، يكاد يقتلني الضّجر، فأتذكّر فجأةً أنّني كتبت رسائلًا يومًا ما، عنونتها بـ "رسائل من الزّمن الجميل". أظنّ أنّني سأنسى وجع المفاصل حينها، وآلام الكبر المُختَلَقة، وأجري لزوجتي، أجرّها من يدها ببلاهة طفلٍ صغير، أجلسها على حافّة السّرير، وأبدأ بالقراءة لها من هذه الرّسائل، مؤكّدًا بكثيرٍ من الخبث أنّني لم أكتبها لأحدٍ سواها، ولن تصدّقني هي.

حتمًا ستكون لحظةً حميميّة، تتجسّد فيها حقيقة أنْ "إيه.. في أمل"، وأنّه وإن توارى قليلًا، فلن يُسْلِمَنا أبدًا للبؤس والوحشة، اللذين بدءا ببسط نفوذهما على الواقع، بهمجيّة مستفزّة.


رسالة (3): قرأت يومًا عن كاتبين، تبادلا الرسائل بينهما لثلاثة أعوام، بعد أن أبديا لبعضهما إعجابَ كلٍ منهما بالآخر، وبما أنجز من أعمال طوال حياته. وكانا يبعثان لبعضهما الرسائل بالبريد، ويتجنبان الهواتف والبريد الإلكتروني في تلك العمليّة قدر الإمكان. حقيقة، أرى الموضوع في غاية الجمال، وكم أتمنى أن أستيقظ يومًا على صوت ساعي بريدٍ فضولي، كماريو في مسرحية "ساعي بريد نيرودا". أو أن أتذكر فجأة، بأنّني لم أفتح صندوق البريد لشهر أو ربما شهرين، فأفتحه، لأجد رسالة من عاشقةٍ مجهولة، تبثّ مشاعرَ زائفة ومكثّفة في رسالة لا تتعدّى النصف صفحة، تمارس فيها دور بطلةٍ في إحدى الرّوايات السّخيفة، وتنتظر أن يأتيها ردّا لن يأتِ، حتى وإن جاء كاتبٌ قديرٌ وعدّل من شخصيّة تلك العاشقة البلهاء!. أو من عجوزٍ أرسل لابنه الذي لم يره منذ أربعين عامًا، ووصلتني عن طريق الخطأ، لتكمل الحياة إحدى دوراتها القاسية في تعذيب بني البشر.

هل تتخيلي كم هو جميل ذلك الشعور؟ سأبوح لكِ بسرّ هو أقرب إلى الأمنية. أتمنى لو تكون أوّل رسالة أتلقاها بالبريد منكِ. وقتها، سأكون أسعد إنسانٍ في هذا الوجود.


رسالة (4): لقد قلتُ بأنّني سأكتب رواية يومًا ما، لا أعرف متى، لكنّني سأكتبها. لا أريد أن أتعرّض لاختبار النّجاح أو الفشل، ولا أريد أن أضع رقبتي تحت مقصلة النقّاد، فلا حاجة لي من التّأكد من حدّتها، يكفي ما حصدته من أقلامٍ قبلي، لأتيقّن بأنها لا تلتفت إلى الحالمين أمثالي. إلّا أنّني سأكتبها.

 شاهدت أفلامًا كثيرة عن الكتابة، وهناك شيء ما يدفعني للكتابة عن "Calvin" بطل فيلم "Ruby Sparks" تحديدًا. لو شاهدتِهِ، لن تصدّقي كم يشبهني، لا تنظري إلى المظهر الخارجي، فهو يفوقني جمالًا بشكلٍ لا يدع مجالًا للمقارنة، لكنّه يشبهني بأسلوب حياته، بطريقة تفكيره، بجنونه الهادئ، ربّما بكلّ شيء!. أنتِ لا تشبهين "Ruby" في الفيلم، فأنتِ أجمل منها بكلّ شيء، وهنا أتساءل، لو أنّني كتبتك في رواية كما فعل "Calvin" مع "Ruby"، هل ستكون روايتي أجمل منها أيضًا، وأجمل من الفيلم؟ لننتظر ونرى.
           

رسالة (5): في الآونة الأخيرة، اكتشفت أنّني أكره جميع فصول السّنة، وكان لا بدّ من حزم أمري بهذا الشّأن، إذ لا يصحّ أن أكون بهذا القدر من الجحود. في السّابق كنت أعتقد أنّ الرّبيع، شهريَ المفضّل، واكتشفت مؤخّرًا، بأنّه ليس بذلك الجمال، حتّى خضرته الّتي تغنّى بها الكثيرون، لم تعد ظاهرة مع هذا القدر الهائل من العمران. وعلى الرّغم من إعادتي للنّظر بشأن علاقتي بالفصول، فإنّي لن أعيده بشأن الصّيف والشّتاء، فهما فصلان أخرقان، يجلبان الكآبة من شدّة الحرّ والبرد، لذلك لن ألتفت صوبهما.

تستطيعين القول بأنّ فيروز كانت عاملًا مهمّا في تحويل نظري صوب الخريف، ولا أعلم كيف كنت أعمًى إلى هذا الحدّ الّذي جعلني لا أرى كلّ الجمال المكنون في ثنايا هذا الفصل الجميل. المعظم ينظر له نظرة الفصل الكئيب، المملّ، ذو الّلون الأصفر الباهت، وأوراقه المتساقطة. لكنّي أرى في كلّ هذه الأشياء أمورًا موحية، وجذّابة، وتدفعني دفعًا، لأقول بأنّ الخريف هو فصلي المفضّل.

"بتزكّرك كل ما تيجي لتغيّم
 وجّك بزكّر بالخريف
بترجعلي كل ما الدّني بدها تعتّم
متل الهوا اللي مبلّش عالخفيف"





رسالة (6): "ثمّة وجوهٌ تألفها من المرّة الأولى، ويمكن أن تقسم واثقًا بأنّها لن تكون عابرة." وأنا أيضًا، أكاد أقسم أنّ إبراهيم نصرالله قد شاهدكِ قبل أن يكتب عبارته هذه.

  • ملاحظة: ربّما كان يجدر بي أن أكتب هذه الرّسالة (الرسالة 6) في الجزء الأوّل من الرّسائل، لا في الثّالث. لطالما اعتقدت بأنّ الكتابة فعلٌ خارجيّ، لا داخليّ. تحتاج إلى ما يستفزّها كي تخرج منّا، وأنا هكذا، بكلّ بساطة، ألحّت عليّ هذه العبارة كثيرًا في الآونة الأخيرة، وكان لزامًا عليّ أن أدرجها في إحدى هذه الرّسائل، كي أرتاح من ثقلها المتوقّف على حافّة البوح، على الرّغم من أنّها قد تبدو غير متناسقة مع مضمون هذا الجزء من الرّسائل. 







الأحد، 12 مايو 2013

مهرجٌ حزين

               جلس على حافّة المسرح، من الجهة الخلفيّة للسّتار، بزيّه التقليديّ ذي الألوان المبرقعة. نظر إلى ملابسه بطرف عينه، ارتسمت ابتسامةٌ صفراء على شفتيه وهو ينظر إلى بقعة الزّيت الّتي احتلّت مساحة كبيرةً من (أفرهوله)."لن يلحظها أحدٌ... وحتّى لو لاحظها لظنّ أنّها من لوازم العرض". هكّذا فكّر وهو يبتعد ببصره عنها.

               كان يودّ لو يرميَ ذلك القناع البذيء الّذي يشوّه وجهه كلّما ارتداه، ويودّ أيضًا لو ينزع تلك الملابس الّتي يرتديها، الّتي تشبه إلى حد بعيد إحدى لوحات الفنّ التشكيليّ العصيّة الفهم. في تلك الّلحظة، لم يكن يستطيع أن يلحظ أنفه المصبوغ بالأحمر، وإلا لسارع بتهشيمه بقبضة يده المتهيّأة كهراوة.

***

               "بسّام.. هيّا، لقد حان دورك" قالها مدير السّيرك، وهو واقف بجانب ستارة المسرح، حاثّا ""بسّام" المهرّج على التحرّك. في الحقيقة، لا يمكنك القول بأنّ ""بسّام" قد سمع ما قاله المدير في تلك الّلحظة، إلّا أنّه استجاب. وكأنّ أحدّا غيره قد تكفّل بمهمّة الاستماع والاستجابة عنه.

تحرّك بخطواتٍ ملؤها الثّقل، وتمايل كثيرًا وهو يصعد درجات المسرح. نظر عن شماله فوجد المدير يصرخ به أن "ضعِ القناع على وجهك"، لكن "بسّام" تجاهله، كما لو أنّه عمودُ كهرباء مطفأ في ليلةٍ شديدة السّواد، أو شرطيّ سيرٍ يعطّل حركة المرور!.

***

               دخل المسرح، بوجهه الملطّخ ببقعة حمارٍ ناشزة، وجبينٍ مطليٍّ بالأخضر. بدا جبينه حينها أقرب للاعب كرة قدمٍ تعثّر وهو يركض، وأوّل عضوٍ حفلت به الأرض لحظة ارتطامه بها هو جبينه.

               لم يبتسم كعادته، لم يلوّح بيديه ببلاهةٍ للجمهور الّذي لا يهتمّ ما إذا كان المهرّج يبدو أبلهًا وأحمقًا، بل كلّ ما يهمّه أن تتشدّق شفتاه ضحكًا. قطّب بين حاجبيه، ووقف صامتًا. تململ الجمهور بعد لأي، بعضهم تنهّد في مقعده، بينما لم يكتفِ البعض الآخر بالتنهّد، فبدأوا برمي كل ما تطاله يداهم صوب المهرّج الصامت المنتصب كسارية وسط المسرح. كان المدير يودّ لو يصعد إلى المسرح، ويهشّم رأس ذلك الغبي، لكنّ نظرته كانت أقسى من أن تحتملها شجاعة المدير في أي وقت.

***

               تحرّك "بسّام" قليلًا في مكانه، كإشارة منه إلى الجمهور بأن يصمتوا، فتوقّف الجمهور الغاضب عن رمي أشياء لو انتبهوا لها قبل رميها لما رموها!.

               حدج الجمهور بعينين ملؤهما الغضب والأسى، ثم قال:

               "اليوم تأكّدت كم هي عبثيّة هذه الحياة. كلّ شيءٍ فيها عبثيّ.اثنان وعشرون عامًا قد مرّت، لا لشيءٍ إلّا لتقودني قدماي إلى هذا المكان، كي أحاول أن أروّح عن أناسٍ نسوا معنى الرّاحة، فجاءوا هنا ليتأكّدوا أنّ نزرًا من البشريّة ما زال لم يبارح مطرحه فيهم.

               في كلّ يومٍ أتراقص أمامكم كالأطفال. أنطّط خمس كراتٍ دفعةً واحدةً فتصفّقون. أمشي على الكرة فتمرحون. أقف على رأسي وأمشي على يديّ فتقولون: يا لمهارته!. أمشي على الحبل فتفتحوا أفواهكم منشدهين لبراعتي. كلّ هذا ولم يسأل أحكم يومًا: ماذا لو وقع عن ذلك الحبل الّلئيم؟ ماذا لو عاندته إحدى تلك الكرات وسقطت، لتتركه مشرعًا للسّخريّة السّوداء والصّفراء حتّى؟ هل يتقاضى أجرًا يكفيه لينام تحت سقف من الإسمنت، أو حتّى من ((الزّينكو)؟.  بل أنّكم لم تسألوا حتى ذلك السّؤال البديهي حدّ السّذاجة: هل هو مسرور؟؟

               ربّما يظنّ بعضكم أنّني أستجدي تعاطفه. لا، أنا فقط لم يبق فيّ مجالٌ للعيش أكثر، لقد أصبحت ثقبًا كبيرًا، يستطيع الهواء أن يعبره دون أن يأخذ حذره من عائقٍ مفاجئ. أودّ فقط لو أتخفّف قليلًا من خِفّـتيَ الثّقيلة. الثقيلة حدّ الإنهاك. وأودّ أيضًا لو أمتلك يدًا حديديّةً كتلك الّتي تمتلكها بعض شخصيّات أفلام الكرتون لأسمع صوت الحياة متألّمةً بعد أن أضربها بها. وأودّ أخيرًا لو تصمت كلّ هذه المشاعر المنبعثة داخلي، المصرّة على إلصاق تهمة الإنسانيّة لي، لأعود مهرّجًا بهلولًا، لا شأن له سوى محاولة إسعادكم..".

***

               كما تجيء الرغبة في الكلام فجأة، تغادرنا فجأة. هكذا، كأنها لم تكن!. لذلك، غادر "بسّام" المسرح مسرعًا، دون أن يلتفت إلى أحد، أو يكلّم أحد. غادر المسرح، وفي منتصف طريقه الذي لا يعرف إلى أين سيفضي في النهاية، تذكّر أنّه لم يخلع ملابس المهرّج بعد، تلك الّتي تفصل بين حياتين. نظر إليها.. ابتسم.. ثمّ أكمل مسيره.

***

  • ملاحظة هامشيّة لن تفيد ولن تضرّ: "يقال أنّ الجمهور صفّق يومها كما لم يصفّق أبدًا. ويقال أيضًا أنّ المدير أصابته حالةُ انشداه متّصل لمّا شاهد أعداد الجماهير تزداد باطّرادٍ كبيرٍ بعد تلك الخطبة، الّتي وصفت بالخارقة".

  • هذه القصة كانت إلهامًا من أغنية تدعى "The Clown Is Dead"



                                                                                               
                                                                                                          ن.ع.م.
                                                                                                        03:00 صباحًا
                                                                                                        11-05-2013