الثلاثاء، 23 أبريل 2013

قراءة في فيلم The Chorus


    



       بعد أسبوع كامل من البؤس، والأفكار القذرة التي كان يمكن لها أن تدفعني إلى أحد الأزقة أبحث عن عقلي فيها، ها أنا أجد أن هذا العالم ما زال يملك شيئا من الجمال، يستحق أن نكمل حياتنا لآخرها من أجله. في هذا العالم ليس أفضل من كتابٍ جيد، أو مقطوعة موسيقية، تذهب بك برحلة على بساط علاء الدين، إلى أقاسي السماء، ثم تنزلك بعد انتهائها، وفيلمٍ جيد.

           لم أقرأ، لم أستمع، بل شاهدت. شاهدت إبداعًا خالصًا. في السابق كنت أشاهد أفلاما بطريقة عشوائية، لكن الذائقة والوقت لم يعودا يسمحان بهكذا فوضى. الآن بتّ أنتقي أفلامي بعناية كبيرة، لا يخلو الأمر من بعض الأفلام الساذجة، والسطحية، لكني في الغالب لا أشاهد إلّا الأفلام الرائعة. لا أعلم، هل تحتمل الروعة ما هو أروع منها؟ ربما، فالأمر نسبي، لكني أجزم أن فيلم "The Chorus"
 أو "Les Choristes" - كما يلفظ بلغته الأصلية (الفرنسية) – هو مثال على التجلي الإنساني.

           يبدأ الفيلم بشخصين مجهولين، يلتقيان بعد 50 سنة من الفراق، يعطي أحدهم للآخر مذكرات شخصٍ ما، ومن هذه المذكرات تنبثق أحداث الفيلم. المذكرات كتبها أستاذ يدعى "ماثيو كليمنت"، وهي سيرته مع تلاميذ المدرسة الداخلية التي عيّن فيها مؤخرًا.

           المدرسة هي شكل من أشكال المعسكرات، مدير يمعن في تعذيب الطلاب، ومدرسين قمة في الوضاعة، يتعاملون مع الطلاب كأكياس قمامة، لا كبشر، لدرجة أن الطلاب، لا تجد في اعتراضهم على العقوبات المفروضة عليهم كبير إحساس بما هو قادم، فهم أشبه بفاقدين للإحساس. حاول المدير أن يفرض كلمته منذ أول لقاء له مع "كليمنت"، وهنا يظهر أن "كليمنت" شخصية غاية في الإنسانية، والجمال، فأول ردة فعل بدرت منه على أحد أعمال المدير "ألا يحرض هذا على الوشاية..؟"، وهو ما أغضب المدير بطبيعة الحال.

           "كليمنت" هو شخصية تكررت كثيرًا في السينما، فهو المعلم الملهم، الذي يكتشف إبداعات طلابه في مجال ما، وحتى يستطيع أحد ما أن يتميز بمثل هذه الأدوار، لا بد له أن يأتِ بجديد، وهذا ما كان. فشخصية الممثل كانت عفوية إلى حد لا تستطيع إلّا الوقوف احترامًا لها، وربما خدمه أيضًا أن مهمته كانت اكتشاف موهبة الطلبة في الغناء، وهذا ما لم يسبقه إليه أي فيلم آخر (على الأقل من (الأفلام التي أعرفها أنا)، وإن تشابه ظاهر الفيلم مع غيره.

           أسس "كليمنت" كورالًا في المدرسة، كل الأغاني التي يغنيها كانت من تأليفه هو وتلحينه أيضًا، ما جعلني أظن أن القصة حقيقية.

           الكورال بديع إلى ذلك الحد الذي تود لو تفتح يديك وتضم العالم بأسره فيهما. عندما أعجب بشيء، أبدأ بالابتسام، ومن فرط ما ابتسمت هنا، كدت أكسر فكّيّ. يا إلهي، تلك الأصوات كانت لا بد أصوات ملائكة، بالأخص صوت "Morhange"، وحتى أصوات الطلبة البائسة في البداية، تحولت مع بعضها إلى مزيج من العصافير والغيم والياسمين. ربما تحدثت كثيرًا عن جمال الفيلم، لذلك سأتوقف عن الإعجاب به لأن "الصمت في حرم الجمالِ جمالُ".

           مشهد النهاية كان مؤثرًا للغاية، وظهر فيه إبداع المخرج الذي لا أعلم اسمه. أنصح كل من يحب الموسيقى بمشاهدة هذا الفيلم البديع J

                                               
                                                    هذه المقطوعة من أجمل ما غنى الكورال:

  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق