الثلاثاء، 23 أبريل 2013

لو أنني كنت بطلًا في أحد الافلام

            لو أنني كنت بطلًا في أحد الأفلام، لما خشيت أن أبديَ لكِ حبّي، ولما خشيت من احتماليّة رفضكِ لهديّتي. لو أنّني كنت بطًلا في أحد الأفلام، لأحضرت ""بالونين" لنجوب بهما العالم. وحدنا، أنا وأنت وبعض الغيمات البيض. ربما كنّا لنزور يافا، يافا الجميلة الموجودة في الأغاني، ونهر النيل. ماذا؟ تريدين أن نتوقف قليلًا في القاهرة؟ ألا ترَيْنَ كم هي شاحبة وحزينة؟ لعلّنا نزورها في فيلمٍ آخر، لكن الآن لندعها تشبع بكاءً.

            في رأسي أمورٌ كثيرة، لا يحتملها فيلمٌ واحد، لذلك سأنتقي المشاهد التي أود تنفيذها بعناية. أرغب في أن أكون عازفًا، لكِ وحدكِ. أرغب في رؤية ذلك البريق في عينيكِ، لقد سمعت عنه كثيرًا في المسلسلات وحكايا الجدّات، لكنّي لم أشاهده حتّى الآن. هل لون عينيكِ هو السبب؟ ربما.

            سأعزف لكِ مقطوعة على آلة التشيلو، فهي شديدة البراءة، مثلكِ تمامًا. لا تستغربي من هذا الخيار، فأنا متعلّقٌ كثيرًا بشخصيّات الأفلام الّتي أحبّ. أحد تلك الشخصيّات كان عازف تشيلو حزين. أنا أعلم أنّه يشبهني، لكنّه يابانيّ. قولي لي، هل يكفي حبّي لليابانيين حتى أشبهه؟

            سنذهب بعدها إلى روما، لنحضر مسرحيّة أوبراليّة، أنا لا أعرف الإيطاليّة، وكلّ المسرحيّات الّتي شاهدتها في حياتي كانت كوميديّة، من ذلك النّوع الّذي يضحكك طوال مدة عرضها، ثمّ يلقي بك بعد أن ينتهيَ – غير آبهٍ – في غياهب الحزن. لا أريد لشكل المسرحيّة أن يتشوّه في داخلي، فهي مرتبطةٌ بالجمال عندي. ألا تذكرين حينما قلتِ لي بأنّك تعشقين المسرح؟ أنا لا أقصد شيئًا من هذا السؤال، لكنّي فقط، أريدكِ أن تستمتِعي معي بروعة أحفاد بافاروتي.

            لو أنّ كلّ هذا حقيقة، لأشار لي المخرج بأنّي لم أعد أملك ما يكفي من المشاهد، فميزانيّة الفيلم – بالطبع – لن تحتمل كلّ هذه المصاريف. لذلك سأستأجر ""بالونًا" كبيرًا هذه المرّة، ليعيدنا إلى عمّان. لو تعلمين كم هو جميلٌ ذلك المقعد الذي اكتشفته في وسط البلد، لم أكتشفه حقيقةً، بل دلّني عليه رفيقٌ لي، هو ليس مقعدًا خشبيّا كما أحب، لكنّ منظره يوحي بنهايةٍ سعيدة. سآخذك إليه، ثم سنجلس بجانب بعضنا، على عكس باقي الأفلام، حيث يجلس فيها العاشقان مقابل بعضهما. لو سألتِني عن سرّ ذلك، لأجبتك بأنّي أظنّ أن مثل هذه الوضعيات أكثر رومنسيّة من غيرها.

            أنا لا أجيد الكلام كثيرًا، أنا شاعريٌّ لكن بصمت، فالصمت أعمق أثرًا بمراحل من الكلمات. في السابق كنت أظنّك صامتة، لكن اتّضح لي بأنّك على النقيض من ذلك تمامًا، فأنت "حكواتيّة" من الطراز الأوّل، أتمنّى ألّا يخونك نهر الكلام حينها، لأنّه لو حدث ذلك ستضطرّين لسماع تنهيداتي كثيرًا، فأنا كما سبق وقلت، لا أجيد لعبة الكلام.

            أرغب بأن تصارحيني بمشاعركِ، وتطلعيني عليها. أرغب في أن أطمئنّ بأنّ ما فات من أيّام، وأفكارٍ لم يذهب هباءً. أرغب بأن تطلبي منّي أن أكون شريكك في فيلمك القادم. أرغب لو أمتلك نسخةً من ابتسامتكِ، لأطبعها على جدران الذاكرة، فلا أنساها. أتعلمين، أنا أرغب بالكثير من الأشياء، دعينا نكتفي بهذا الآن.

            تقولين أنّي مفرطٌ في الرّومنسيّة؟ نعم، أعلم ذلك. لقد كانت إحدى أمنياتي أن أكون شاعرًا، فالشعراء وحدهم يملكون الحقّ في الغلوّ بالرومنسية دون أن يحاسبوا، لكنّني لم أكن شاعرًا يومًا. عمومًا، لا تنزعجي كثيرًا، فهذا كلّه محض خيال، وحتى لو كان حقيقة، فأنا أجزم بأن المخرج كان سيحذف هذا المشهد الأخير.

            لو أنّني كنت بطلًا في أحد الأفلام… لكنّني لست بطلًا. ولن أكون كذلك يومًا!.

                                                                                                                                   ن.ع.م.


                                                                                                               

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق