منذ مدّة طويلة كتبت نصّين قصيرين، كلّ واحدٍ على
حدة، نشرتهما على الفيسبوك فقط، على غير عادتي. ربّما لاعتقادي بأنهما لا يستحقّان
الاحتفاظ بهما، أو أنّهما كتبا لقولِ شيءٍ سريع، ينتهي بانتهاء زمن ظهوره على حوائط الأصدقاء. لا أعلم
ما الذي تغيّر الآن، لم أعدّل عليهما شيئًا، لكنّني خفت أن أفقدهما. ولأن الذاكرة
شرك، والفيسبوك عالمٌ غير مضمونٍ بقاؤه، قرّرت أن أحتفظ بهما هنا. بالرّغم من
اختلاف النصين ظاهريًا، إلا أنني وجدت أنّ هناك وحدة تطويهما سويًا، فجمعتهما في
هذه التدوينة.
***
(1)
الساعة الآن 3:10 بعد منتصف الليل، الظلام يحتلّ
المكان، وصلت الصفحة 94 من رواية نابوليتانا لذلك المدعوّ هلال شومان. كلما
بحثت عنه على google
داهمني منظر ذقنه الديرتي، وتلك الإشارة المستفزة إلى كونه مهندس اتصالات. ما الذي
يعنيه هذا؟ لماذا على كل شيء أن يحمل معنًى من الأساس؟ في باص الجامعة، يسألني
زميل دراسة لا أعرفه "بدك تتخصص كوم؟"، أنا غشيم بمصطلحات الخبراء
هؤلاء؛ أسأله بغباء "كمبيوتر؟"، في جزء ما من رأسه المستطيل أدرك جهلي،
فقصر من قامة السؤال "قصدي اتصالات". يدٌ خفيّة في عالم آخر تصفع غبائي "يا إلهي لماذا رميتني في
هذا التخصص الذي لا أستطيع معه معرفة أن com هي اختصار لـ communications لا لـ computer". هذه الرواية "سائلة" كما
يقول المسيري، ما بعد حداثيّة، لا ترتكز على أساس، لا حبكة، لا صراع حقيقي، لا
هويّة ثابتة، الكل يسير في طريق يملأه الضباب، لا تستطيع أن تتميّز أبعد من موضع
قدميك، احتمال أن تدهسك عربة قادمة من الاتجاه المعاكس يتزايد مع كلّ لحظة، مع ذلك
أنت تتقدّم، في أذنيك سماعات الآيبود، وتستمع لهبة طوجي تغني "يا وطني قلي شو
اللي معلقني فيك"؛ لا شيء حقيقة، هذا الوطن خراب، في ليلة سكرٍ تام، قام شخص
غاشم بتعميرها بنزق لاعب بوكر خسر كل ما يملك من نقود وهو يمتلك ورقتي (A&A). الغريب، ومع كل ذلك، أنه ما زال في قلوبنا
متسع لبضع الدقات من أجله، هذا ولا شك من سوء حظنا. عمّان باتت تشبهنا كثيرًا،
كلما تقدّم بها العمر تفقد خصوصيتها أكثر، باتت عمان مدينة كوزموبوليتانية - لم
أستطع تجنب غواية استخدام الكلمة – حتّى أنّه بات غريبًا أن تتقدّم كاميرا عنق
"سائح" (لا أعتقد أن سائح هي الكلمة الأمثل لوصفهم، ربما دخلاء أفضل).
قبل أسبوع [كان هذا في مايو 2014]، نظمت أمانة عمّان معرض كتاب ضمن فعاليات ثقافية في جبل عمّان، أذني
تعبت في محاولة تفكيك هجمة اللغات التي انفجرت في المعرض؛ بين عشرات الروس
والإيطال والإنجليز والشرق آسيويين كان شيئًا لطيفًا أن ترى مواطنًا أردنيًا أو
حتّى عربيًا. لماذا أقول كلّ ذلك؟ كما لا يعلم هيثم أي شيء، لا أعلم أنا الآخر،
ربما فقط أحاول القول، أن الرّواية مشغولة باحتراف، وأنّني معجب بها.
***
(2)
تقول الأسطورة أنّ بحرًا شاسعًا كان يحيط بعمّان،
أزرق تمامًا كباقي البحار، والمهمّ أنّه لم يكُ ميّتًا بعد. وفي إحدى الليالي، كان
القمر فيها بدرًا حاولت الإلهة هيرا، ربّة الزواج، إقناع زيوس بألا يتزوّج عليها
إلهة أخرى، ثمّ علا صوتهما في المدينة محدثًا صدًى تلاطمت أبعاده بين صويلح شمالًا
وحتّى سحاب جنوبًا. استشاط زيوس غضبًا ليلتها، وأراد أن يعلّقها من شعرها لولا أنّ
رائحة بلسمٍ تضوّعت منه ثنته عن القيام بذلك. "شعرتُ أنّني ازددت رجولة – هكذا
حدّث نفسه"، لذا اكتفى بتعليقها من معصميها بين الأرض والسّماء. لم يهنأ بال بوسيدون حين علم بما حصل، فاضطر لرفع
الكلفة مع نسيبه، مهدّدًا باسترداد الأمانة (هيرا نفسها) ومغادرة البلد، وهو ما
حصل؛ ففي صبيحة اليوم التّالي، قال شاهد عيان أنّه شاهد بوسيدون يطوي البحر تحت
إبطه، راكبًا (تاكسي) المطار، لتختفي أخبار العائلة منذ ذلك اليوم. ويقال أيضًا أن
مدنًا أخرى كبيروت وإسطنبول، هي الّتي رتّبت هذه الفتنة بين المرأة وزوجها
بالاتّفاق مع مكاتب السياحة (دالاس والجزيرة(.
كنت بدي أبدأ بقول شبه-لا-مشهور:
ردحذفamman is over-rated
بس قلت لأ بلاش
:]
حأغير وأقول
الزرقا يا ديرتي.. ثم أما بعد
النصان متقاربان حتى لو لم نفهم أبعاد تقاطعاتهما لديك. أقصد ال (لماذا) و ال (ماذا بعد) حين كتابتهما أو حتى التفكير بكتابتهما. (على الأقل لقارئ أردني)
المهم، أنا اسمي ليش مكتوب؟ :)
لم أقرأ تلك الرواية، سمعت بها ولكنها ضاعت وسط زحام
to-read-list
المتعاقبة أبدًا! ربما أرجعها لواجهة القائمة
لم أك أعرف أن بوسيدون هو إله البحر، معلوماتي عن ميثولوجيا اليونان أقل من أساسية ولا أنجذب لقصصها ولا رموز تسمياتهم.
التدوينة تبدو -برأيي- "خفيفة" ولكنها ليست كذلك.
أما دالاس فأنا أجزم أنهم فرع رئيس للألوماناتي في الأردن. لا شك!
------------
أشطب اسمي أرجوك.
:P